حصاد ثورات الربيع العربي المر

الشيخ الدكتور سعيد سالم الدرمكي
09/01/2018

مشاركة المنشور

WhatsApp Twitter Telegram

الحمد لله رب العالمين

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

 :وأشهد أن محمدا عبده ورسوله… أما بعد

فإنّ الناظر في الثورات على الحكام على مر الأزمان، لا يرى فيها إلا التهلكة وضياع النعم والأمان

فلو قلبت ناظريك -أخي الموفق – في التاريخ الغابر والواقع المعاصر المرير لوجدت العجب وما يشيب له رؤوس الصغار من عواقب السوء التي ألمت بالشعوب جراء تطاولهم على حكامهم، ومخالفتهم لهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم في التعامل معهم

لنتأمل هذا الحصاد المر الذي عانت منه شعوب الربيع العربي خلال الفترة من 2010م ولغاية 2014م

دماء تسفك فقد قتل وجرح في ثورات الربيع العربي خلال الفترة من 2010 إلى 2014م ما يزيد على مليون ونصف مسلم ومسلمة

أموال تنتهب، حيث بلغت الخسائر ما يزيد على 834 مليار دولار

عوائل وأسر شردت ، فبلغ عدد اللاجئين ما يزيد على 14 مليون لاجئ

عقول تطيش، حتى لا يدري القاتل لم قتل، ولا المقتول لماذا قتل

ضيعت البلاد وهدمت البيوت والبنايات والجسور والطرقات

تأملوا فيما وقع في مصر الحبيبة ، وما وقع في ليبيا التي لا زالت تنزف ومنذ سنين، وما وقع في اليمن السعيد، وأخيرا ما وقع ويقع في سوريا الخضراء التي تحولت لساحة يتقاتل فيها العدو

:وفي المقابل نسأل

هل حققت ثورات الربيع العربي  لشعوبها ما رجوه منها، وهم يصرخون في وجه حكامهم : ارحل ارحل … الشعب يطالب بإسقاط النظام ؟

أين العزة والكرامة التي كانوا يأملونها ؟

أين الحريات التي زعموا أنهم قد حرموا منها ؟

خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الحاكم، ولو قلنا إنه فاسق ظالم، فما هم فيه أعظم من ظلم الحاكم وفسقه وجوره

ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ

قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟

فقال: ” لاَ؛ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ

فالنبي صلى الله عليه وسلم  أخبر عن صفة صنف من الأئمة، ووصف علاقتهم برعيتهم أنها من أسوأ العلاقات لدرجة البغض المتبادل بينهم، ودعاء كل منهم على الآخر، ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرعية عن نزع يدهم من بيعتهم، مع بغض ما هم عليه من المعاصي والظلم، ما داموا مصلين آمرين بها.فالزموا -حفظكم الله- هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم وحافظوا على دينكم ودمائكم ومكتسبات بلادكم وأمنكم لتأدوا الغاية من خلقكم وهي تحقيق العبودية له سبحانه

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه